المشكلة التي ليس لها حل - 16 أكتوبر 2009

صحيفة عكاظ

المشكلة التي ليس لها حل - 16 أكتوبر 2009

2021-11-10    466

شهدت المملكة في السنوات الأخيرة تطورا مهما وهائلا في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية لم تعرف له مثيلا في السابق، ومع هذا التطور ازدادت أعداد المركبات ومعدلات تشغيلها بشكل كبير ومع هذه الزيادة في عدد المركبات عرفت المملكة مشكلة الحوادث المرورية بكافة عناصرها التي شملت زيادة هائلة في عدد الحوادث، وتعتبر حوادث المرور من أهم المشاكل المستعصية في العالم لما تسببه من خسائر مادية وبشرية كبيرة، فعلى سبيل المثال وجد أن أكثر من 15 مليونا يموتون سنويا في أنحاء العالم بسبب حوادث الطرق، ويصاب بسببها أكثر من 50 مليونا بجروح.
وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية بين أنه إذا استمرت الزيادة في الوفيات بسبب الحوادث المرورية بهذا المعدل فإنها قد تتفوق على وفيات مرض القلب والإيدز في العالم.

وفي المملكة، وجد أن الحوادث المرورية ما برحت تشكل سببا رئيسيا للخسائر البشرية والمادية ولم يظهر مع مرور الوقت أي انخفاض يذكر في عدد الحوادث ويظل معدلها فوق الحدود الطبيعية خصوصا عند مقارنته بالمعدلات العالمية، فالسرعة مثلا تمثل في المملكة العامل الرئيسي في وقوع الحودث إذ يعزى إليها أكثر من ثلث الحوادث المرورية يليها قطع الإشارات المرورية ثم التجاوز والدوران الخاطئ، ونظرا للأهمية القصوى لموضوع حوادث المرور في المملكة قامت العديد من الأبحاث لدراسة هذه الظاهرة خاصة من الناحية الإحصائية، وأصبحت ظاهرة حوادث المرور من الظواهر الشائعة الوقوع مما أدى إلى تغير المفاهيم التي تعلمناها خلال دراستنا لعلم الإحصاء الذي يعتبر الحادثة المرورية من الظواهر النادرة الوقوع، وبالرغم من كثرة الدراسات والبحوث التي تمت فلم يظهر إلى حد الآن حل جذري لهذه المشكلة المستعصية بمعنى ليس هناك من يدعي القدرة على جعل عدد الحوادث المرورية على الطرقات يساوي صفر حادثة إلا إذا تم منع جميع المركبات من السير على الطرقات، ولنا أن نتخيل النتائج من هكذا حل، ولذلك فمن الطبيعي وقوع حوادث لكن غاية ما يتمناه الباحث هو أن يكون عدد الحوادث أقل ما يمكن، فالحادثة على سبيل المثال لها ثلاثة أسباب لوقوعها وهي قائد المركبة والمركبة وأخيرا البيئة المحيطة، فيجب الاهتمام بهذه الأسباب الثلاثة، فقائد المركبة يجب أن يكون مؤهلا تأهيلا تاما من جهة السن القانوني لرخصة القيادة والمعرفة التامة بقانون السير والإشارات المرورية وقانون المشاة وتجد أن كثيرا من قائدي المركبات لا تنطبق عليهم هذه المؤهلات، بعد ذلك نأتي للسبب الثاني في وقوع الحوادث وهو المركبة، فيجب الاعتناء بالشكل الخارجي لها مع فحص الكوابح والإطارات والإضاءة الأمامية والخلفية بصورة دورية وعدم السماح للمركبة بالسير على الطرقات إلا إذا استوفت هذه الأشياء والعجيب أنه قبل ما يقرب من 35 عاما كنت طفلا بجانب الوالد ــ رحمه الله ــ وهو يقود مركبته (الونيت أبوغمارتين) قاصدين مدينة مكة المكرمة قادمين من جدة وكان الوقت ــ آنذاك ــ عند الغروب وعند اقترابنا من نقطة مرور الشميسي القديم لم يسمح لنا جندي المرور بمواصلة السير إلى مدينة مكة المكرمة بسبب أن إحدى الإضاءات الخلفية لا تعمل وقد شرح ذلك الجندي المخلص السبب للوالد ــ رحمه الله، وهو أن سائق المركبة خلفنا قد يتعامل معنا كما لو كان الذي أمامه دراجة نارية بينما الآن يمكن أن نشاهد بعض المركبات في الطرقات بدون أية إضاءات لا أمامية ولا خلفية علما بأن هذا سبب رئيسي من أسباب زيادة الحوادث على الطرقات، وأخيرا يجب الاعتناء بالبيئة المحيطة بالمركبة قدر الإمكان والقصد هنا الطرقات وتخطيطها حسب المواصفات العالمية وحالة الإشارات المرورية داخل المدن وعلى الطرقات السريعة وعدم تجاوز السرعة المحددة ولا شك أن الاهتمام بهذه الأمور يؤدي في النهاية إلى انخفاض عدد الحوادث على الطرقات ولكن الأهم من ذلك كله هو التطبيق الصارم لأنظمة الجزاءات المرورية بكل قوة لأن الكثير من قائدي المركبات نراهم في الخارج يلتزمون بالأنظمة المرورية في البلدان التي يزورونها والسبب بالطبع خوفا من العقوبات بحق أية مخالفة مرورية يرتكبونها.


مشاركة :